الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

رسالة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
قادة جيش مصر العظيم,

انا كمواطن مصري ,ضحى من أجله اخوانه من الشعب المصري,يحتم علي دماء الشهداء ان ابلغكم ما في نفسي آملاً أن تصل إليكم هذه الرسالة وان تقرأوها ( لو اني أشك في ذلك)
لقد تابعت رسائلكم الموجهة لشعب مصر العظيم التي تبثوها من خلال موقع الفيس بوك ,واني استغرب عدم وفائكم بمحتوى هذه الرسالة وخصوصاً الرسالة 28 التي نفيتم فيها أنكم تنتوا الاستمرار في الحكم حتى عام 2012.
ولقد وعدتم من خلال تصريحاتكم التلفزيونية على تسليم السلطة في خلال ستة اشهر من تنحي مبارك..وقد انقضت المهلة وزاد عليها شهراً
وأني استنكر تراجعكم في وعودكم ومخالفتكم للاستفتاء التي قبل فيها الشعب تعديلات دستور 71.وعلى رغم من اني من الذين رفضوا التعديلات وطالبوا بوضع دستور للبلاد اولاً إلا أني متمسك باختيار الشعب وغضبت من الإعلان الدستوري التي خالفت به الإرادة الشعبية وخصوصا المادة 189 من التعديلات التي نصت على اجتمار رئيس الجمهورية ورئيسي الشعب والشورى للدعوة للجنة تاسيسة لوضع دستور جديد للبلاد.

وحتى هذا الإعلان الدستوري خالفتموه ,وتحججتم بالانفلات الامنى (الذي تتحملوه أنتم كمن يدير شئون البلاد وليس الشعب ) لتمديد قانون الطوارئ إعمالاً بقرار جمهوري صدر من رئيس ومجلس شعب مخلوعين بيد الشعب ,واني اعلمكم أني أعتبر قانون الطوارئ لاغي في يوم 30 سبتمبر ولا اعترف بتمديده إلا بعد استفتاء شعبي كما ينص الإعلان الدستوري..

كما ازعجني محاكمة أكثر من 12000 مدني امام قضاء عسكري ,وأني لأتعجب كيف أن يكون القاضي هو الخصم ذاته وتقولون ان هذا هو العدل..
أيها القادة للجيش المصري العظيم,
خوفا على امن البلاد ووحدة شعبها وجيشها
أطالبكم بتسليم سلطتكم التشريعية فور انتخاب مجلس الشعب في نوفمبر القادم ,وأن تسلموا مهام رئيس الجمهورية لرئيس منتخب في موعد أقصاه فبراير .2012

وبعدها تعودوا إلى ثكناتكم ,لتحافظوا على حدود البلاد وأمنها وتتركوا للشعب صنع دستوره وإدارة شئون االبلاد وأن يشرع قوانينه وأن يطهر اجهزة الدولة بنفسه ,إعمالا بمبدا (الشعب هو مصدر السلطات) المذكور في المادة الثالثة من الإعلان الدستوري ,وأن تبعدوا نهائياً عن الشئون السياسية وتكتفوا بدوركم الوطني في حماية البلاد.

وأني احذركم (وبالطبع لاأهدد,فمن أكون انا؟) من  استمرار الجدول الزمني الذي وضعتموه لتسليم السلطة في نوفمبر2012 ,لأنه يجعل الشكوك تتزايد في نيتكم في القفز على الثورة وجعلها انقلاب عسكري ,مما يؤدي لانفجار غضب الشارع مما يهدد المن القومي للبلاد..

اللهم إني قد بلغت ...اللعم فاشهد.
مع تحياتي,
صيدلي/أحمد الخولي
مواطن مصري حر

ضباط جيش وشرطة يعذبون مواطنين - قسم شرطة الكردي



أرفض التعذيب حتى ولوكان مع البلطجية والمسجلين خطر...مصر قامت فيها ثورة ..

أغنية الثورة الممنوعه من العرض - مؤثرة جدا -خايف من إيه


أغنية عن الثورة المضادة...جميلة جداً

الجمعة، 23 سبتمبر 2011

قصة قصيرة من تأليفي :إلى من يهمه الأمر

إلى من يهمه الأمر :قصة قصيرة

أكتب إليك لعل اللهَ ارسلك غالي لتكون سبباً لانقاذي,لذا اسمح لي من وقتك ,حتى احكي لك كيف وصل حالي لما تراه بعينك..

منذ صغري والناس تقول لي أن مولدي كان مبهجاً لأهل بيتنا ...فلقد رُزٍقَ والدي ًبي بعد صبر وجهاد طويل...

لقد عاشا أبوي في عقم دام ثلاثون عاماً حتى يئسوا وسلموا و استسلموا لهذه الحياة الضنك الخالية من الاحلام والمشاريع المستقبلية...



ولدت في حي فقير ,حيث لا قانون إلا قانون البلطجة ...ولا أمان إلا بالعزوة ,حيٌ اختلط فيه الجهل بالمرض ,و خنع فيه  الرجال,واستقوى القادر على من هو أضعف.

أسماني أبي "نسمة" لأنه رآني النسمة التي هبت عليه بعد مُضي طول العمر ,تعهد مع أمي على تربيتي على عكس ما تربى أهل الحي ,وعلى عكس ماهم ايضاً اعتادوا عليه...

كان دائما ينصحني بألا أتنازل في يوم عن كرامتي أو حقي أو حلمي ,ويجب أن أخذ بجميع الاسباب التي تجعلني قادرة على تحقيق أحلامي وعلى حماية حقوقي...

أمي ..هذه السيدة المؤمنة بالله ,لقد نذرتني لله عندما كنت جنيناً في أحشائها ,وما إن بلغت السنة الأولى من عمري حتى علمتني الصلاة و دائما تذكرني , بأن اللهَ أقرب إليَّ من حبل الوريد...وان فلاحي في دنيا اساسه صلاح ديني ...

هذه سنين عمري الأولى  ,المليئة بالحب والتضامن ليس فقط من ابي وامي بل من أخوالي وأعمامي وحتى جيراني وأصدقاء أبي..

بعدما كبرت قليلا في العمر ووصلت لبداية سن المراهقة لاحظت ,تباياناً شديداً في طريقة تعامل كل منهم معي ..

أبي دائما ينصحني باستغلال وقتي في قراءة الكتب والروايات و دواوين الشعروكثيرا يدعوني للخروج معه إلا سينما.

وأمي ,دائماً تنصحني بالالتزام في سلوكي و الإحتشام في ملابسي وكثيرا ما كانت تتكلم مع على اهمية الحجاب (حتى قبل وصولي لسن البلوغ), وأني قد كبرت وأصبحت عروسة ويجب الحفاظ على جمالي من أعين الشباب الطائش تؤمن بأن الزمان توحش ولا تأمن علي من غدره.

على رغم من يقيني من حبهما لي واصرارهما على تربيتي تربية سليمة ,دائماً يحضرني احساس ..أن فتور ما اصبح بين أبي وأمي..وهذا كان يسبب لي حزناً لا افهم مغزاه ولا سببه.

كلما تقدم العمر بي,زاد الفتور بينهما أكثر ,كل واحد منهما بعتبرني كل ما لديه وان الآخر لا يعلم مصلحتي جيدا ً
ولعل أكثر مايحزن فلبي أن كل منهم لا يعتبر الآخر معي أنه كل ما لديه...

وجاء اتعس يوم في حياتي ....حدثت خناقة كبيرة بين والدي,كان أول مرة يعايرا بعضهما البعض أمامي.
صرخت أمي :لقد سئمت الحياة معاك ,ولقد استحملت سلوكك الطائش كثيرا ولا أعرف كيف صبرت كل هذا العمر وكيف دافعت عن أفعالك أمام أخي ,لكن عندما الأمر يصل لنسمة ,فلن أسمح لك..

رد عليها ابي صارخاً بشده هو الآخر أنها انسانة متشددة ورجعية وأنها قضت على موهبته وعلى حياته وانه
 عارف  مصلحتي اكثر منها وانه يجب عليَّ ألا أقع في نفس خطأه,وأنه تحمل مع أمي 30 سنة من العقم ؟

لا أتمالك نفسي كلما تذكرت هذا اليوم وأنه ادى إلى أفظع ماحدث في حياتي..
 ,الى الطلاق..
والسبب
  عميد شرطه ,عدو أبي اللدود والحاقد عليه, لأنه كان يريد الزواج من أمي - في الماضي- و فضلت هي أبي (الشاعر ومدرس اللغة العربية ) .كان دائما ما كان يسمعهما ما يضايقهما كلما رآهما,وكان دائما يثير حفيظتهما  بسخريته من عقمهما بسؤاله السخيف :مافيش حاجة جاية في السكة؟ ,فلما ولدت لم يصدق أن هذه المعجزة حدثت معهما وبعد ثلاثين عام زواج.



 هو من سعى إلى هدم حياة ابي وأمي واستغل ما حدث بينهما من انشقاق. أذاع عند خالي (لواء جيش),أن سلوك أبي تغير وأصبح لا يراعي ان له بنتاً ولها سمعة..وكان من الطبيعي أن يتبنى خالي هذه الاشاعة عند أمي لعدم وفاقه مع أبي منذ زمن...


ومن بعد انفصال والدي ,أصابني الهم والغم ,ولا أعرف لي مستقبل ولا معنى لوجودي في الحياة...

لعلك تسأل, وما علاقة كل ماكتبته لك,بفقداني النطق وما أحمله في أحشائي؟!!

صدقني لا اعلم ما حدث لي ,فبعد ما حدث ,أصبحت مكتئبة ومريضة ولا أريد ان أتكلم أو أرى أحداً ..لولا هذا الألم الذي يعتصر كبدي ولا أعرف له سبب.

إن مرضي هو سبب تعاستي ,فلقد كَبُرَت بطني بشكل غير طبيعي وعندما سألني أهلي عن ما ألم بي؟ ..فلم انطق..لقد فقدت الرغبة في الكلام  ..وطبعا عدو أبي وأمي يرمي سمعتي بالباطل ....والغريب أن الجيران وأهل الحي الذين فرحوا بمولدي ويشهدون على حسن أخلاقي وصلاح والديَّ..يصدقون ما يذيعه هذا السافل عني..

أنهم يعتبروني الآن نقمة على والديَ لا نسمة وإن قدومي عليهما قدوم تعاسة ونحس ..خرًب حياتهما.

أمي وأبي في حزن وذهول..وطبعا في شقاق..وتركا لخالي التحكم فيّ والسيطرة عليّ ..

اقترح عليهما شئ من اكثر مايهين اي بنت ..ان يُكشف عن عذريتي!!!

ومن ساعتها أصبحت فاقدة القدرة (وليس الرغبة فقط ) على الكلام...

أريد أن اصرخ-ولا أستطيع- بأني بنتهم الشريفة العفيفة الطاهرة ..التي أسموها نسمة ..وأن ما في احشائي هو المرض..

أرجوك يا قارئ رسالتي بلغهم بالا يسمحوا لخالي يهينني اكثر من ذلك ويفرح فينا عدونا ...

بلغهم أني استغيث بهم لينقذوني بوحدتهم ولايجهضوني بشقاقهم
  
(تمت بحمد الله)
سبتمبر 2011

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

هل هي رشوة أم دية ؟

((الحي أبقى من الميت ,والدية تعد من أحكام الشريعة في القصاص من القاتل..أنها حلال حلال...وهل سيعود ولدك للحياة اذا رأيت الضابط أو حتى مبارك أو حبيب العادلي معلقاً في المشنقة؟,,أليس من الأولى لك ولأولادك قبول الدية؟!! فكر في أولادك ,فكر في صغارك وامرأتك هو يبقى فقدان الضنى وفقر))..

كلمات مولانا الشيخ ترن في أذنه ,ومال القاتل أمام عينيه,ينظر لزوجته المسكينة وهي تحتضن صورة ابنه الشهيد الذي مات أمام عينيه ,وإلى صغاره المتكتلين فوق بعضهم على الأرض...
غصة في حلقه تكاد تخنقه وتيه في عقله يقوده للانهيار ...
(هل أبيع دم ولدي ؟!!!!)
يخرج من حجرته الضيقة ويتجه للخارج يبحث عن هواء نقي يعبأ رئتيه ,فيجد الجو الملوث الخانق حوله ...
(ماذا أفعل ياربي ...ياليتنا متنا جميعا معك ياولدي..)

أعتقد أن هذا حال كثير من أهالي الشهداء ,الذين أصبحوا الآن بين مطرقة الفقر وسندان الضمير ...
حتى الآن لم يروا قصاصا لأبنائهم وأخواته ولا رأوا تقدما ولاهناءا

ماذا جنوا من الثورة ,غير دغدغة المشاعر واللعب بالأعصاب وحرقة الدم..!!!
انهم جميعا معذورون لكي يضعفوا أمام اغوائات المال ولوي الحقائق ..والعيب ليس فيهم ولا في الشريعة بالطبع و حلال لهم أن يقبلوا أموال قتلة أبنائهم ...ولكن هل الدية في الشرع أهم من العدل ,قال تعالى:
-)يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) (المائدة 8(
-)إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيرا)ً (النساء58)
والذي أعلمه كمسلم أن الله أعلى من قيمة العدل والقسط ...واذا كانت الدية هي من حدود الله ..فهذه الحدود شرعها الله لنشر العدل بين الناس وأن الدية مقبولة جدا من القاتل اذا كان حدث في دولة العدل وليس في دولة الفوضى وغياب القانون
وما يدهشني حقا , اذا تنازل المجني عليه عن حقه المدني للجاني ,فهذا لايعفى من عقاب الجاني و لا يسقط حق المجتمع؟!! فلماذا يصر الجناة على دفع الدية لأهالي الشهداء والمصابين ,هل ياترى هي صحوة الضمير؟َََ!!!
ولماذا يتم الضغط عليهم عن طريق الشيوخ .,,فإذا كان صاحب الدم رفض الدية ,فلماذا الاصرار والضغط باسم الدية من شيوخ لاقوا ما لاقوه من عذاب وتعذيب على أيدي أمن الدولة ونظام مبارك؟؟؟
أعتقد أن من يفعل ذلك من الشيوخ الذين يتاجرون بالدين لكسب مصالح في الدنيا ..شئ قبيح ودنئ والاسلام منه برئ (والذي يمكن بسهولة استغلاله من قِبل الغلاة من العلمانين ودعاة الفتنة )..وسؤالي لعم الشيخ:
هل سيبيع دم ابنه أو أحد أقربائه لو كان هو من قُتل؟ هل كان سينام مرتاح الضمير لو فعل ذلك وذهب إالى المحكمة وأنكر معرفته بمن قتل ابنه وانه قال ذلك بفعل الضغط عليه من أهالي الشهداء الآخريين؟؟
وبصراحة

اذا كانت هذه الرشوة في هذه الحالة تعتبر ديه ,فأنا نفسي أن كل علماء المسلمين يفتوا لأهالي الشهداء بقبول الدية و الاعتراف بأنهم أخذوا الدية من القتلة أمام المحاكم حتى تسقط المحكمة حقهم المدني من القضية و لا يتم اعفاء الجناة من الادانة والعقاب..وتبقى فرصة جيدة لنعرف قتلة شهداء ثورتنا بالاسم ..

وأعتقد أيضاً أن هذه الدية (الرشوة) لا يدفعها الضباط وأفراد الشرطة الذين قتلوا الشهداء ولكن جائز جدا يكون مبارك وأعوانه, حتى لا يتم ضمهم لملف قضية قتل المتظاهرين ..وحتى لو هؤلاء الضباط المتهمين بالاسم عوقبوا ..فقبول أهالي الشهداء والمصابين دليل قوي أن قتل المتظاهرين جاء من صغار الضباط وأنَّ لا أوامر صُدِرَت من مبارك أو حبيب العادلي..

أرجو لمن يقرأ هذا الكلام ,ألا يعتقد أن أقول على حد من حدود الله (رشوة ) حشا لله, ولقد أشرت أن العيب ليس في الحد نفسه ولا في المال ...ولكن أليس قبول المال باسم (الدية) مقابل القول (بماعرفش ..وهم اللي قلولي قول فلان) شهادة زور تضلل العدالة وكارت بلانش لأي حد معاه فلوس أنه يقتل ويمص دم الفقراء زي ما حصل قبل كدة من ممدوح اسماعيل مع أهالي شهداء العبارة السلام 98.

يارب ارحمنا واحمي بلدنا وانشر العدل بيننا
أحمد الخولي

القاهرة
يوليو 2011

تعالوا نتكلم بالعدل

لقد انقسم الناس إالى فسطاطين ,فسطاط "دين" وفسطاط آخر... ),هذا حالنا كما وصفه الشيخ محمد حسنين يعقوب في خطبته المثيرة للجدل (غزوة الصناديق)..هو تعبير قاسي وصادم ولكنه واقعي للأسف الشديد..

وهذا بفضل الجدل العقيم بين الاسلاميين والعلمانيين....

لقد بعدنا عن قيم ومبادئ ميدان التحرير,كرامة وحرية وعدالة اجتماعية , وتركنا حلمنا في اقامة دولة العدل والحرية...

على رغم أننا جميعا متفقين على أساسيات وبديهيات دولتنا جديدة ,تركنا غرس البذور وهرعنا لقطف أول ثمار (الدستور ) لأول شجرة في الأرض الجديدة ...

ولهذا سأنقل لكم مقتطفات من مقال المفكر الاسلامي البارز الأستاذ فهمي هويدي (حول تطبيق الشريعة ) من كتابه (المقالات المحظورة)...لعلنا نصل لحل لهذا الجدل الدائر بين الاسلامين وغيرهم ونُرحَم من الاتهامات التي على شاكلة المتاجرة بالدين وخيانة دماء الشهداء والتكفير ..

يقول الكاتب الكبير :
((إذا كان الحديث عن تطبيق الشريعة الاسلامية يواجه بتوجس من جانب بعض المثقفين ,فإنه بواجه بمشكلة اكبر من داخل الصف الاسلامي ذاته,خصوصا من جانب المتعجلين الذين يضغطون بشدة -وأحيانا بقسوة- للاسراع في الخطى وقطف الثمار ,بعد اختزالهم تطبيق الشريعة في استصدار بعض القوانين وتعميم بعض النواهي والزواجر.
وهي مشكة اكبر ,لأن ماتشيعه النخب المتوجسة لا يتجاوز حدود التعبئة الإعلامية,و((الكلام)) الذي يمكن أن يحبطه النموذج الإيجابي و الأداء الرصين.
بينما تلك الضغوط الصادرةعن الصف الإسلامي تكاد تهدر النموذج ,وتربك الأداء بصورة يصعب علاج آثارها ,فضلا عن أنها تعد هدية مجانية للمتشككين والمتوجسين ,تعزز مخاوفهم و تثبت صدق دعواهم.

بعد ذلك التقديم : سأركز على نقطتين :إحداهما نظرية و الثانية عملية .

الأولى تنصب على مفهوم تطبيق الشريعة و تصور كيفية مباشرة ذلك التطبيق,والثانية تتعلق بأولويات التطبيق.

**فليس صحيحا ان تطبيق الشريعة ينحصر في مجرد استصدار بعض القوانين واللوائح ,أو حتى تعديل الدستور.فمن الممكن ان يتم ذلك كله و تظل روح الشريعة غائبة و مقاصدها غائبة,ذلك أن القانون واللوائح هي مجرد وسائل لتطبيق بعض جوانب الشريعة .و ما لم توصل هذه الوسائل إالى المقاصد المرجوة ,ومالم تتصل القوانين بنسيج القيم السائدة في المجتمع ,فإن التطبيق يصبح بغير مضمون حقيقي.

عصور الانحطاط في التاريخ الإسلامي نموذج يعزز ما نقول ,فقد كانت الشريعة بمفهومه القانوني والشكلي مطبقة على أتم مايكون ,لكن الذي ظل غائبا ومفتقد هو المقاصد والقيم .ويمثل (العدل)المحور وحجر الساس في تلك المقاصد ,باعتباره هدف الرسالة الرئيسي بنص القرآن الكريم.قال تعالى :((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ))-الحديد:25.
إن ابن القيم -الأصولي المعتبر-أشار الى تلك الآية وهو يثبت هذا المعنى ,ثم قال :ان القسط ((هو العدل الذي قامت به السموات والأرض ,فإذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلة الحق ,وأسفر وجهه باي طريق كان ,فثم شرع الله ودينه و رضاه وامره)).

ابن تيمية له كلام نفيس في هذه النقطة فقد قرر أن ((أمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في انواع الإثم,أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق,وإن لم تشترك في إثم)).ولكي يعزز كلامه ,فإنه استشهد بمقولة :إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ,ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة,وبقوله:إن الدنيا تدوم مع العدل والكفر و لاتدوم مع الظلم والإسلام!

هكذا ,فإن تطبيق الشريعة ينبغي أن بفهم بحسبانه إقامة للعدل بجمبع صوره في السياسة والاقتصاد والاجتماع ,و إذا ما اقترن تطبيق الشريعة بظلم من أي نوع ,في أي من تلك المجالات ,فذلك يعني بشكل مباشر تغييب جوهر الشريعة ومقصودها .

الشريعة في الأساس هي مجموعة من القيم الحضارية والأخلاقية و العملية ,قبل أن تكون مجموعة من القوانين.
........................
.......................
**من هذه الزاوية ,أحسب أن تربية المجتمع على قيم الإسلام أولى بالاهتمام من استصدار التشريعات ,أو تصحيح اللوائح بحيث تصيح مطابقة لتعاليم الإسلام.وليس ذلك إقلالا من شان التشريعات والقوانين التي لاغني عنها بطبيعة لحال,ولكنه دعوة إالى ترتيب أولويات التطبيق على نحو سليم,يضع كل مهمة في مكانها المناسب ,المعبر عن فلسفة الرسالة وحقيقى مشروعها الاصلاحي وحقيقة مشروعها الإصلاحي والحضاري.(ملحوظة:أري تشابها في هذا الكلام مع مقولة الشيخ الشعراوي رحمه -بعيدا عن الثائر الحق-أتمنى ان يصل الدين إلى أهل السياسة ولايصل اهل الدين إلى السياسة)

**هذا عن التفكير في تطبيق الشريعة و ضرورة فهمه على نحو صحيح.أما كيفية التطبيق,فهي عملية مركبة و أكثر تعقيدا مما يتصور المتعجلون ,الذين يريدون غرس البذرة في الصباح وقطف الثمرةفي المساء........
في الإجابة عن السؤال ((كيف؟))هناك عدة مبادئ ومنطلقات يسترشد بها هي:

*أن الذين يباشرون التطبيق يجب ان يكونوا على وعي بأن رحلة التغيير الاجتماعي -التي تمثل القيم محورها الأساسي-طويلة وممتدة.ومن ثم فمهتهم الرئيسية هي غرس البذور الصحيحة ,وليس من مسئوليتهم جنى الثمار.

*أن التدرج في المسيرة هو من السنن واجبة الاحتذاء.وقد ووجه الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز بموقف من ذلك القبيل حيث تمهل في التعامل مع بعض الانحرافات التي ظهرت في العصرالأموي ,إذ ساله ابنه عبد الملك عن سبب ترويه و تريثه ,بينما الحق واضح والحسم لصالحه ضروري.عندئذ كان رده:((لا تعجل يابني,فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة .وإني اخاف أن أحمل الحق على الناس جملة ,فيدفعوه جملة,ويكون من ذا فتنة)).

*أن مبدأ الضرورات تبيح المحظورات يجب أن يكون محل اعتبار في التنفيذ.وهذه الضرورات معترف بها شرعا وحقا على الصعيد الفردي.لكن هناك ضرورات سياسية واقتصادية واجتماعية و دولية يمكن أن تفرض نفسها على المجتمع الإسلامس,بحيث قد لايكون هناك مفر من التعامل معها والتسليم ها إالى حين توافر ظروف مواية لتغييرها.
وثمة مبدا آخر يتمثل في السكوت على المنكر إذا ترتب تغييره منكر أكبر منه ,دفعاً لأعظم المفسدتين وارتكابا لأخف الضررين.وهو مبدا قرره الفقهاء الأصوليون الذين ادركوا بعبقريتهم المشهودة مدى تعقيد عملية ال÷صلاح,وكون التحدي الحقيقي فيها لا يتمثل فقط في الخيار بين الخير والشر ولكنه كثيرا مايكمن في الإختيار بين شرَّين.

في صدد أولويات التطبيق ,كان عندى اقتراح محدد,وهو أن على الذين يعملون على تطبيق الشريعة الإسلامية أن يدخلوا بها حيز التطبيق من باب الحرية والديموقراطية أولاً)).

أخيراً,أصدقائي,أود أن الفت نظركم أن هذه المقالة كتبها الأستاذ(فهمي هويدي) في 12/4/1994!!!!
شوفوا الراجل ده كان بيهاتي في الموضوع ده من امتى!!!
لا تفرقوا فتذهب ريحكم..

القاهرة
 يونيو 2011

شخبطة قديمة: أنا مواطن نتيجة

في اليوم الخامس عشر من ثورتنا المجيدة ,بالتحديد8/2/2011,كنت في طريق عودتي الى المنزل بعد نزولي الثالث الى ميدان التحرير,علم مصر ملوفوف في يدي,نظرات المارة نحوي مليئة بدهشة ,وبعضها باستنكار وأخرى بتساؤلات,أمر عليها متفهمها جيداً حتى وقعت مواجهة بيني وبين صاحب سنترال, شابا في بداية عقده الثالث أو على مشارف نهاية العقد الثاني,سألني:هو لسه في ناس في التحرير ؟!!,هززتُ رأسي موافقاً ,ناولني المحمول لأجري اتصالي قائلاً:ليه بقى ياجدعان ..ماكفاية كده خلوا البلد تمشي ...ماالراجل كده كده ماشي أنتم مش كل مطالبكم اتحققت ؟!!,ترددت قبل ان أجاوبه"ياباشا كفايه ليه...هو ما البلد ماشية والناس رجعت لشغلها خلاص ..أنت لسه بتصدق حِجة أن البلد واقفة علشان التحرير...دول عايزين يوقعونا في بعض ويقولوا في شعب في التحرير وشعب في البيوت,وبعدين ماتنساش دم 400 شهيد ماتوا في 3 أيام وده معدل كبير ماعملتهوش اسرائيل في غزة...",تدخل زميله قائلاً:بس الناس اللي في التحرير دول مش بتوع 25 يناير",التفت له :عندك حق ..أنا فعلاً ماكنتش في 25 يناير و28يناير لأني أنا (نتيجة) الثورة مش سببها..وكل الناس اللي نزلت دول نتيجة تضحية الشباب اللي نزلوا في الأول".

انتهى الحوار على ذلك,و شعرت بأني كنت صادقاً جداً (وقليل ما أشعر بذلك),ولا أعلم هل جائت في بالي كلمة اني (نتيجة) بمناسبة أننا في بداية العام الجديد وبمناسبة الأجندات المزعومة في التحرير ؟!!!!

في الحقيقة,أنا أعترف أن عدم مشاركتي في 25 و 28 يناير لم يكن عن عدم قناعة ولكن عن خوف وجبن من السحل والضرب والاعتقال ,وأعترف أن نزولي التحريري ثلاث مرات -وخصوصا بعد مرحلة فصل الجيش للميدان وطمأنة الناس بأنه يحمي الميدان-كان نتيجة دماء الشهداء التي سالت في ميادين مصر و لشجاعة شباب من سني وسنك بيحبوا مصر بجد وأكثر من اي حد,وأرجو ألا تظن أني عاطفي لأن هذه حقيقة .
هؤلاء الشباب رفضوا أن يصدقوا أننا شعب ووسخ وواطي وفوضوي ونستاهل العيشة اللي احنا فيها,وخرجوا قبل 25 يناير بسنوات في الشوارع والميادين وعلى سلالم النقابات وأمام مجلسي الشعب والشورى, يهتفون باسقاط نظام مبارك وينددون بظلم أمن الدولة...هؤلاء شباب وبنات وضعوا كرامتهم على الأسفلت وتحملوا السحل والنفخ والضرب والكهربة والتحرش بالفتيات حتى يأتي يوم يخرج الشعب فيه ويثور لكرامته ..كانوا هم يفعلون ذلك ونكتفي نحن بمشاهدة الفيديوهات ونعملها شير.
كم كنت أشعر بالذل والمهانة الاحتقار لنفسي وجبن عندما أرى صور خالد سعيد وسيد بلال.
علينا جميعا أن نقر أن لولا هؤلاء الشباب المبادر الذي ضحى بكرامته قبل دمه ماكنا الآن نتكلم ف يالسياسة ونقيم الناس بتوع التحرير وبتوع مصطفى محمود ونتكلم بحرية وأمان عن أمن الدولة في المواصلات والقهاوي وفي الأماكن المفتوحة,والذي يوصف الآن بالعيال المغرورة والدكتاتوريين الجدد ,,أنهم بيمشوا البلد على مزاجهم(ولو ان ده من حقهم )....
احتراما لدماء المصابين والشهداء وكرامة شباب نزل وهتف:يامصر يا أم ..ولادك اهم...دول يفدوكي بالروح والدم"...علينا أن نحقق اهداف الثورة ونتصدى لكل محاولات الفاسدين المجانين من فلول الحزب الواطي وكلاب الدولة الذين يحسبون أنفسهم قادرون على العودة فوق أنفاسنا.وذلك بأن نحترم أراء بعض ونتحاور بكل ندية دون سخرية من الآخر وأننا نتحد ونحترم حق الأقباط في التعبير عن رأيهم سواء في المادة أتنين أو في رؤيتهم للبلد بدون أن نفكر بعصبية وقبلية ونستحمل بعض ...ورسالة بجد لكل مؤيدين شفيق ودعاة الاستقرار الطيبين الوطنيين بحق :اسمعوا كلام بتوع التحرير لأنهم عملوا كثير وضحوا أكثر
وخدوها نصيحة من مواطن (نتيجة):مارسوا الديموقراطية وتنفسوا الحرية بحق.ِ




مارس 2011

شخبطة قديمة :ما يفعله التيتانوس

ما يفعله التيتانوس

       من الأكيد أن كثيرا منا يسمع عن مرض  التيتانوس الذي نصاب به من خلال تلوث جروحنا ,و يتعين على المصاب بأن يقى نفسه هذا المرض عن  طريق المصل المضاد للميكروب التيتانوس , و اني لأعتقد أن كثير منا لا يعرف ما خطورة هذا الميكروب , و ما  هى المضاعفات النى يمكن حدوثها.
و يعرف  الدارسون للعلوم الطبية هذا المرض  بمسمى lock jaw   , أي الفك المغلق لأن هذا من ضمن و أول الأعراض التي تظهر على المصاب ويليها تصلب الرقبة و الكثير من العضلات الهيكلية( وهي تعتبر من العضلات التي يتحكم بها الانسان بارادته) , مما يعرض المصاب  للموت اذا لم يتم علاجه
و اسمح لي يا عزيزي أن اشركك معى فى تساؤل ,هل تمكن التيتانوس من المصريين وأغلق فكوكهم وجعلهم متصلبي الارادة ؟!, و لماذا  لا يسارعون بأخذ المصل للشفاء منه؟
أنا شخصيا لا أعلم ,حيث أني مصري و فكي مغلق مثلهم , و لا أعرف لماذا أرضى على نفسي هذا الهوان و هذه السلبية ,و لا  أخفي عليك.. لقد تعودت على ذلك ,و لا أعرف  متى فتحت فكي لأطلق  لفمى عنان الاعتراض و الغضب و الثورة الا فى لحظات الظلم التحكيمي الذي يقع كثيرا على منتخبنا القومي أو النادي الأهلى فى مواجاهاته مع فرق شمال افريقيا.
و عندما يسألني أحد الأصدقاء المتحمسون سياسيا عن بطاقتي الانتخابية ,فأرد عليه بتساؤل فلسفى بيزنطى  ( و لماذا أستخرجها؟ أنا أصلا بعيد عن السياسة وأمورها و أعتقد أن البلد ليست بحاجة لصوتي لتقرير مصيرها ) , وأحيانا أتقمص  دور معتزلى الفتن ( أنا مقاطع السياسة و الانتخابات لما بها من فساد أخلاق ),و قليلا أجيب بصراحة (أنا عمرى ما كان لى صوت أبدا ,و الموضوع أعتقد أنه وراثة ) ,والدليل على أن الموضوع وراثة ان المصريين لم يثورا  ثورة حقيقة منذ أكثر من 90 سنة من أيام ثورة 1919.
لقد رضينا  أن تغلق فكوكنا عن قول الحق وأن تتصلب ارادتنا كما تتصلب عضلات مصاب التيتانوس ,و لهذا اني ارشح ميكروب التيتانوس لأن يكون الميكروب القومي للبلاد (على طريقة مقالات الاستاذ محمد المخزنجى والاستاذ وائل قنديل ).
لقد سئمت فكي المغلق ,وفى نفس الوقت لا أتعاطى مصل التغيير متخفيا وراء خوفى من أن يحدث لي صدمة من فرط الحساسية  anaphylactic shock  ,ولكن الصراحة تقتضي أن أقول أن السلبية التي تملئني تحتاج الى جهاد النفس وتقويمها ,و كما قال تعالى:
 "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ".

 نعم لقد قررت أن أخذ المصل و أن أغير ما بنفسي حتى أطلق فكي و لا أدع  رقبتي تتصلب .
والله المستعان
 تمت
اكتوبر 2010

شخبطة قديمة : السيدة صاحبة الخمار

السيدة صاحبة الخمار:(قصة قصيرة)
لن أنساها ما حييت,ولن انسى هذا اليوم ,يوم تجمع الناس من كل حدب وصوب للصلاة في أكبر صلاة جنازة شهدتها في حياتي على رغم من أنها كانت في زاوية صغيرة في شارعنا الجانبي ولكن الحصر والسجاجيد في كل مكان وخشوع المطليين يوحي للغريب عن شارعنا أنها صلاة خلف صاحبي جليل أو أنها صلاة سيغفر الله للمصليين ما تقدم من ذنوبهم .
وفى المساء نصب  صوان أكبر من صوان مؤتمر نائب دائرتنا أثناء حملاته الدعائية,وغلب عدد حاضرين هذا العزاء  عدد الهتيفة وكذابين زفةالنائب الشهير,لأنه عزاء الست (مصرية),لم اعرفها معرفة شخصيا ,كانت (رحمها الله) من عملاء صيدليتنا,صورتها تظهر أمامي الآن و أيضا وجهها الصبوح النوراني,أتذكر دعاءها لي بالصحة والبركة بعد أي نصيحة أو استشارة أقدمها له,نصائحها ترن فى أذني الآن   (لازم تفضل تتعلم لأنك مهم جدا للناس,انت أقرب واحد متعلم تعليم عالى للناس لأن شغلك وسط الناس في الشارع اللي يفرقك عنهم فقطالرصيف,أوعى تفوت الصلاة وماتخافش على رزقك..),أفتقد وصفها لنفسها لتذكيري بشخصها عندما تحادثني تليفونيا(أنا الحاجة اللي بتجيلك لابسة خمار),كانت (الست مصرية ) حديث الساعة فى هذا اليوم ولأيام تلتها,لايدخل علي أحد الا والحزن في عينيه وذكر فضل السيدة الفاضلة على لسانه,هذه تذكر تربيتها لها وهي صغيرة,وتلك تذكر لى وقفة المرحومة ضد شيخ الزاوية المتشدد الذي ملأ صدور وعقول  الشباب بالتطرف و الجهل حيث حرم الثقافة وخروج المرأة للعمل و مشاهدة مباريات كرة القدم ودراسة لغات الفرنجة الكفرة ,وبعدها حثهم على الأمر بالعروف والنهي عن المنكر وأن يكونوا قويو الايمان ولا يلجأون لأضعف الايمان في دعوتهم ,وساد الارهاب تلك الايام ,ولم ترضى هذه المهانة الست (مصرية) وخرجت لعملها في المستشفى غير  عابئة بالشيخ ومريديه وفى عودتها في بداية النهار اليوم التالى ,وجدت الشيخ وجماعته فى انتظارها أسفل منزلها,ولما رآها قادمة صرخ فيها(انت ياولية مسمعتيش التعليمات ..انت مصممة على معصيتك لله…ده آخر انذار ولو اتكرر ده  تاني هقيم عليك حد الله..),قاطعته بصوت قوي( وانت مين أصلا علشان تقيم حد الله …وبعدين هو الله سمح لفضيلتك انك تستنى ست وانت شوية شباب تحت بيتها ,هو ده تسمبه ايه يا شيخ…و بعدين انت مين اصلا علشان تقولى رايحة فين وجاية منين ,انا عارفة حدود الله أكثر منك لأنى حافظة للقرآن وعارفاه كويس زي ماانا عارفة كل عيل من العيال الصيع دول.. اللي في منهم انا مربياه فى بيتي مع ولادي ,وفيهم اللي اتولد على ايديا) ثم التفتت للشباب وقد خفض جميعهم أعينهم غى الأرض ,وقالت لهم بغضب وحزن الأم )لو معقلتوش وبطلتم صياعة مع شيخ المنصر ده والله ما لساني ده هيخاطب لسان أي واحد فيكم وأكون غضبانة عليه ليوم دين ),وتركتهم وصعدت لمنزلها ,ومنذ ذلك اليوم انتهت جماعة هذا الشيخ الذي شد رحاله بعيد عن شارعنا.
 ليس هذا أكبر فضل  للست مصرية على أهالي شارعنا ,كان هناك موقفا علمت به الرجال قبل النساء ,علمتهم معنى ان تكون مصريا موضوعا وليس اسما فقط –كما قال لى راوي هذا الموقف-حين وقفت امام جبروت عضو مجلس الشعب الذي ظن انه فعلا اشترى الناس ب150 وزعها على كل فرد اثناء دعايته الانتخابية,وقفت ضده لكي تمنع بناء مصنعه وسط منطقتنا المكدسة بالسكان,ولقد كلفها هذا الوقوف صحتها وربما عمرها ايضا.
كانت بداية المواجهة في مقره الانتخابيي عندما زارته مع نفر من كبار أهل المنطقة وأبدوا انزعاجهم ببناء المصنع وسط السكان ,وقد كان رد فعل النائب ابتسامة صفراء ورد مقتضب انه سيدرس الموضوع ,وسيبلغهم رده ,ولكن طال انتظارهم لرد السيد النمائب ,فاقترحت (الست مصرية) رفع دعوى  قضائية ضده .فانتكس معظمهم عن هذا الاقتراح خوفا منه خصوصا انه محامي شهير وأن القانون لعبته. خافو ولم تخف وأقامت الدعوى  ضده ,توالت الجلسات وأيام وعلمت الصحافة وبدأت الحملات الصحفية على الموضوع وكانت تجتنب هى الأحاديث الصحفية ولكن النائب رحب بهذا جدا,لأن هذا سيجعله من ضيوف البرامج والصحف وخصوصا انه عن طريقهم سيجد ويلة سهلة لارسال رسائله التهديدية لأهالى المنطقة عامة والست مصرية خاصة…ولكن الست مصرية كانت قوية المواجهة لأن الله وفقها فى محامي شاب متحمس وبارع وهو أصلا ربيبها اثناء طفولته ,وبدأ النائب يشعر ببداية ضعف موقفه فكرر اللعب من تحت الحزام حيث استطاع  ايقاف علاج الست مصرية على نفقة الدولة   بحكم قضائي ,وبموجب هذا القرار وقف صرف حقن الانترفيرون (علاج فيروس سي الذي اصابها من خلال عملها كممرضة فى المستشفى وعلى آثره أحيلت للمعاش) بحجة ان التقارير الطبية تؤكد عدم حاجتها له ويمكن السيطرة على مرضها بمنشطات الكبد, ,وساومها القذر على انه سيقوم بشراء 100 علبة انترفيرون لتكمل بها علاجها مقابل التنازل عن دعواها ضد بناء مصنعه., وجائه ردها قويا (ان العمر والصحة امناتان لله عندى وله ان يردهما وقتما شاء ,واعلم ان الشفاء ده من عنده ومش عند الدواء..وبعدين ازاي عايزتي اطمن على نفسي من دواء انت جايبهولى مقابل ان اتنازل عن حق الناس أهالى المنطقة فى انهم يعيشوا من غير امراض تبهدلهم طول عمرهم).
طرد النائب شر طردة من منزلها مرسلا وعيده لها عبر صيحاته ,وفقت تنظر اليه من شرفتها بمنتهى الشموخ ثم رفعت يديها (اللهم ارنا فيه عجائب قدرتك),وماهى الا أيام معدودات الا وحلت الطامة الكبرى على رأس الظالم,لقد قبض على ابن النائب يتاجر بالمخدارات متلبسا ,وشغلت هذه القضية الرأي العام ,وصارت فضيحة النائب على كل لسان ,وتبع ذلك انهيار تام للنائب سياسيا واقتصاديا و أدبيا وبالطبع خسر قضيته امام الست مصرية.
رحمة الله على  الست مصرية التى كنت اعرفها بالسيدة صاحبة الخمار ولم اعلم اسمها الا فى عزائها ,ولم اعلم معناه الا بعدما عرفت مواقفها.
(تمت)
أحمد الخولى
أكتوبر 2010

شخبطة قديمة: كوب لبن نقي

كوب لبن نقي :(قصة قصيرة)

(1)

دخل على غرفة نومه ونظر الى ابنه الصفير( الذي مازال في السابعة من عمره) وهو نائم في سبات عميق….كالملاك الطاهر …دنا منه وفرد جسده بجوار ابنه الجميل وطوقه بذراع وضمه الى صدره حتى شعر بانفاسه المتلاحقة تهف في رقبته…فابتسم في رضا وطبع على جبين صغيره قبلة حانية…..ثم  ترك الصغير ينام براحته على السرير واستمر ينظر اليه ويداعب شعره البني الناعم …..
في هذه الأثناء , دار في ذهن صاحبنا كثير من الخواطر والأحلام(يا سلام  لو كل انسان حافظ على نقاء قلبه مثلك يا صغيري…اني اعشقك يا بني..احب كل شئ فيك…يديك النظيفتين من كل سوء والتي لم تتلوث بعد بدماء الغلابة والمقهورين واليائسين…أذنك التي لم تتجسس على أحد و لم تخترق اسرار أحد……-أمسك بيد الصغير في منتهى الحنية حتى لا يوقظه وطبع عليها قبلة  وتركها في خفة- أحبك يا ولدي وأحب قلبك الذي لايحمل ذرة حقد ولا حسد ولا كره لمخلوق……..وروحك الطيبة التي لاتحمل ذرة بخل ولا خداع ولانفاق…يا الله على نفسك المطمئنة……ان نفسك ككوب اللبن النقي الذي لم يعكر بعد
لا تخف يابني  …لن اسمح باهانتك ولا هضم حقك …لن اترك  من يظلمك مهما كان …سأقف بجانبك مهما كلفني الأمر….يجب ان  أحافظ على نصاعة بياض قلبك …..
نم  يا عزيزي .. غدا أبوك سيرد اعتبارك ….نم ولا تخف)
(2)
في صباح  اليوم التالي …وقف صاحبنا مع صغيره امام باب المدرسة والصغير يرتعد من الخوف ومن خوفه جذب يد ابيه للوراء يدعوه للرجوع للمنزل….فدنا الأب الحنون لولده ونظر في عينية وقال له"لا تخف ياولدي اني أراقبك من شباك غرفتي لاتخف اذا أذاك  هذا المدرس ستجدني أمامك  وأنقذك منه"وقبله ثم سلمه لبواب المدرسة.
صعد الرجل لمنزله وفتح الشباك وجلس يراقب ابنه وهو يقف في الطابور حتى صعوده لفصله….شعر بحركة خفيفة من خلفه ..انها امه المريضة المشلولة قد استيقظت …فالتفت اليها في خفة قائلا:"صباح الخير يا ست الحبايب حالا افطارك سيكون جاهز…قبل يداها وذهب ليعد الافطار…..
وبعد ان انتهى من الافطار…جلس يكلمها وهو يعلم انها لن ترد عليه بصوتها ولكن بنظراتها.."أمي يا أعز الحبايب…يا منبع الحنان والحب…رضاك عليا هو هدفي في الحياة ..انك الجنة يا أماه وليس الجنه هي التي تحت قدميك ….انك الحب والسلام …امومتك لا تنبض ابدا وهي لي خالصة …لو فعلت كل مايرضيك لن يساوي شئ في بحر حنيتك علي… كفي انك لم تلد غيري …امي لقد عودتني ان من يهيني لا أرد عليه اذا كان يكبرني سنا …واذا كان في سني أقول له الله يسامحك ولكن ياأمي هذا لا ينفع في ايامنا هذه …يعز علي مخالفة أمرك لكن الأمر وصل لحبيبي وحبيبك …لقد أهين من استاذه عندما ضربه على ظهره كالحيوان ….انا سوف اراقبه من بعيد وان دنا من ولدي سأقتله يا أمي ولن يهمني شيئا…سأخلص ولدي من شره للأبد"
وهنا لاحظ نظرة استعطاف في عين أمه الضعيفة وكأنها تقول له لا يا ولدي……….دقت الساعة معلنة أن الساعة 12 ظهرا ميعاد حصة هذا الاستاذ العدو ..وقف صاحبنا على الشباك يراقبه في تحفز ودقات قلبه تتسارع و أخذ الاستاذ يلوح بعصاه  ..انه يعرف هذه العصا كم من مرة ذاق لساعاتها من نفس الأستاذ..وكم اشتكى من شدتها لأبيةالله يرحمه ولكنه لم يجرك ساكنا…لكنه لن يسمح لهذه العصا ان تنال من صغيره مرة أخري ياويلك أيها الأستاذ ان فعلت شيئا لولدي (هكذا حدث نفسه)
وفجأة رأى صاحبنا ما كان يتوقعه وما كان رافضا له ..لقد ارتكب هذا الأستاذ حماقته مرة ثانية مع صغيره…….لم يتمالك نفسه سحب سكينة المطبخ وانطلق يجري في الشارع متجها للمدرسة وكان كل من يتعرض له ينال ضربة من سكينه واقتحم الفصل واندفع نحو الاستاذ ووضع السكينة على رقبته وأخذ ينادي:يارامي ..رامي…رامي…في وسط صراخ من التلاميذ…
((رامي مين؟ يا مجنون ؟مفيش حد هنا اسمه رامي)) هكذا قال الاستاذ بصوت محشرج…….التفت سريعا ينظر في وجوه التلاميذ المسعورة…لم يجد رامي صغيره بينهم…دخل المدرسين سريعا وهجموا عليه صائحين:اطلبوا البوليس
لم يتمالك الرجل نفسه ,ووجه طعناته للمدرس…ليسقط المدرس في بركة من دمائه………
(3)
كانت الحيرة والفضول يملئا عقل وكيل النيابة وهو متجة لمنزل القاتل فكان محتارا بين اتهام المدرسين للمتهم بالجنون …واتهام المتهم للمدرسة باخفاء ابنه بعد ما قاموا بتعذيبه…عندما اطرق باب المنزل القريب من المدرسة بشدة …جائه صوت امرأة عجوز في الستين من عمرها متسائلة:
-من بالباب؟
= بوليس..افتحي
فتح الباب ودخل رجال النيابة والمبحاث الشقة وانتشروا فيها في ثواني معدودة….وعرف وكيل النيابة بذكائه انها الخادمة
سئلته في قلق بالغ :
-خير يابيه ؟!!!!..المهندس جمال  لم ياتي بعد
=هو مقبوض عليه في قضية قتل
لطمت على وجهها صائحة:قتل؟!!!
=منذ متى تعملين هنا؟؟؟(سألها بمنتهى الحزم)
قالت في منتهى الحزن :منذ سبع سنوات….(التفت اليها وكيل النيابة وهو يتابع حديثها)….منذ وفاة الست والدته الله يرحمها
(4)
وقف الجميع  قبل اعدام المهندس جمال وبعد ان قرأوا عليه الحكم وعلق عشماوي الحبل في رقبته …سأله مأمور السجن …نفسك في حاجة يا جمال…
رفع رأسه في ضعف ورسم ابتسامة حزينة على شفتيه قائلا:كوب لبن نقي

(تمت)
القاهرة :مارس 2010